علم الإقناع وعلاقة علم النفس بالتسويق وأهم أبحاث روبرت شالديني، هو موضوع هذا المقال والذي يُعد من الموضوعات الجذابة لمعرفة كيفية استخدام علم النفس في عملية البيع وإقناع العملاء وكيفية التحدث فعلًا في البيع مع العقل اللاواعي.
العقل اللاواعي هو الجانب الذي يعمل طول الوقت ويُبسط ويختصر ويجعلنا نتعامل بشكل أبسط مع كل الأمور بعيدًا عن المقارنات! على سبيل المثال عند تعلُم القيادة لأول مرة فإن عقلك الواعي هو الذي يعمل لذلك فإنك تتعامل بحذر شديد، ولكن عندما تُتقن القيادة تقود سيارتك بدون أدنى تفكير! العقل اللاواعي بدأ في العمل بشكل تلقائي وأصبحت أنت لا تتذكر تفاصيل الموضوع.
ما يحدث طول الوقت في حياتنا هو أن العقل اللاواعي هو الذي يعمل بشكل مُستمر وسنتحدث هنا عن كيفية استخدام العقل اللاواعي في إقناع العملاء لكي نحقق زيادة في المبيعات واذي أصبح جزءًا مهمًا من علوم البيع الآن، وروبرت شالديني هو أهم من تحدثوا عن علم الإقناع وله العديد من الكتب في هذا المجال.
روبرت شالديني هو أستاذ بروفيسور في التسويق وعلم النفس وهو مهتم جدًا بالـ interface بين الإثنين والذي له حجم كبير في الـ marketing وله علاقة وثيقة بالـ Branding والـ Positioning.وهذه المصطلحات أصبحت أساسية في التسويق والتسعير ويوجد ما يُسمى Psychology of .pricingوالجدير بالذكر أن كل الـ communications و الـ promotion مبني على الإقناع بالـ subconscious والـ personal selling.
والمهتم بدراسة الـ Marketing لابُد أيضًا أن يهتم بدراسة الـ psychology حيث أن كتب الـ Marketing تحتوي على الأساسيات فقط، لذلك كلما قرأت في كتب علم النفس والكتب المتعلقة بالـ customer behavior كلما أصبحت الأمور أكثر سهولة.
هو علم إيطالي الجنسية ولكنه الآن يتواجد في أمريكا حيث أن أمريكا هي أم التسويق في العالم، ويُصنف علم التسويق على أنه من العلوم الأمريكية وكل رواده يتواجدون في أمريكا وأغلبهم مازالوا أحياء.
ألف شالديني كتاب اسمه Influence “التأثير”. وكتاب أيضًا “50 طريقة للإقناع”واختصر شاليني أبحاثه على مدار 20 سنة في 6 عوامل إذا وضعناها في عين الاعتبار يكون لها نتائج مُبهرة في إقناع العملاء وهي:
أما عن المعاملة بالمثل فإذا أحسنت لعملائك سيردوا لك الجميل ويقومون بشراء منتجك أو خدمتك بكل سهولة، وعندما تبدأ بتقديم شيء مجاني وغير متوَقع فإن ذلك يًسعد العملاء جدًا! على سبيل المثال الشباب السوري ممن يعملون في مجال الحلويات تفوقوا في عملهم بسبب ابتسامتهم الجميلة في وجه العملاء وتقديم بعض الحلوى للتذوق مما يُعطي للعميل شعور بالاهتمام فيُصبح سعيد جدًا ويقتنع بالمنتج ويشتري بكل سهولة، لذلك أنصح أي مُقدم خدمة أو بائع سلعة أن يُركز في التعامل بشكل جيد ويسبق توقعات العميل وإعطائه شيء مجاني في البداية ليصبح ممتنًا وسعيدًا.
وأما عن العامل الثاني وهو الندرة، فإنّ له مفعول السحر! كلمات قصيرة مثل “آخر قطعة” أو “إلحق العرض” أو “اليوم فقط”تجذب العملاء جدّا، فالبشر عمومًا عندما يشعرون أن كمية المنتج أوشكت على الانتهاء يطلبون منه الكثير ويزداد احتياجهم له.ويوجد أيضًا ندرة في الوقت، على سبيل المثال الحجز مفتوح لمدة ثلاثة أيام فيُصبح الأمر محكوم بمدة مُعينة مما يجعل العميل يأخذ قراره السريع بالشراء.ويوجد أيضًا ندرة في السعر مثل تحديد سعر مُعين لأول 10 أشخاص أو خلال فترة مُعينة مثلًا 5 أيام.والبائع الذكي هو من يستغل أشكال الندرة الثلاثة ( الكمية والوقت والسعر ) معًا مما يُقنع العملاء ويجذبهم للشراء بسرعة وسهولة.
إقرأ أيضًا: مهارات التفاوض.
العامل الثالث وهو الإرتياح أو الاستحسان أو الإعجاب بمعنى أن العميل يرتاح لبائع معين أو شركة بعينها! وهذا الإعجاب أو الارتياح له ثلاثة أسباب رئيسية حددها شالديني في كتاباته وأبحاثه وهي الإنطباع الأول للعميل الذي يرتاح لمن يُشبهه ويُجامله ويُساعده! التشابه والمجاملة والمساعدة هم ثلاثة أشياء هامة جدًا لابُد أن توضع في عين الاعتبار.
تقوم الشركات الناجحة بتوظيف بائعين من نفس الطبقة الاجتماعية للعملاء، فمثلًا شركات بيع الملابس الكاجوال للشباب تقوم بتوظيف شباب من نفس سن العملاء المستهدفين يرتدي نفس الموديلات التي يبحث عنها هؤلاء العملاء فيكون ذلك مقنع جدًا بالنسبة لهم! ويحدث هذا الأمر على مستوى اللاوعي، لذلك يجب عليك إيجاد شيء مشترك بينك كبائع وبين العميل وهو ما يتميز به البائع الناجح.
وهذا التشابه من الممكن أن يكون اهتمام مشترك، هواية مشتركة، زيارة سابقة لنفس المكان، رواية لمؤلف وهكذا….وعندما يتم فتح الحوار عن الموضوع المشترك بين البائع والعميسل فإن ذلك يسهل عملية البيع جدًا. ومن الممكن أيضًا تبادل المعارف بين الطرفين مما يؤدي إلى اكتساب عملاء جُدد عن طريق ترشيح العميل الأول بسبب الثقة التي وضعها في البائع وترشيحه لمعارفه من العملاء الآخرين.
جميعنا كبشر نحب المجاملات حتى لو مُبالغ فيها في بعض الأحيان، وللمجاملات تأثير قوي في الأشخاص ولكن اجعل المجاملة معقولة وغير مُبالغ فيها وصادقة بقدر الإمكان وذكية فذلك يجعل العميل أكثر ارتياحًا وينتج عن ذلك تفاعل إيجابي.
كلما استطعت أن تُثبت لعميلك وجود العديد من العملاء يتعاملون معك، كلما زادت ثقته وكان ذلك أكثر إقناعًا وهذا ما تُثبته نظرية القطيع في علم النفس.نحن دائمًا نحب الشراء من نفس الأماكن التي اشترى منها الأقارب أو الأصدقاء، ودائمًا العملاء يحبون التعامل مع الشركات التي لديها عدد كبير من العملاء السعداء الراضين عن الخدمة أو المنتج.
التساق معناه أن تجعل العميل يأخذ خطوة بسيطة تجاهك، فالعميل الذي يُجري الاتصال التليفوني أسهل في الاقناع من العميل الذي تقوم أنت بالاتصال به، وهو ما يسميه أصحاب الـ digital marketing بالـ Inbound marketing وذلك تعطي العميل معلومة صغيرة بمثابة الطُعم الذي يجعلة يأخذ أول خطوة فيصبح التعامل أكثر سهولة من الـ Out banding وهو يعني أنك أنت اذي تقوم بإجراء الاتصال بالعميل لتقدم له الخدمة أو المنتج.
حاول دائمًا أن تحصل على مبادرة من عملائك للقيام بالخطوة الأولى وهي الاتصال مثلًا عن طريق وضع لينك واتساب يضغط عليه العميل المهتم ويقوم بالتسجيل وهذا هو الـ .Inbound
إذا شعر العميل أنك أكثر خبرة في مجالك، أصبح أكثر إقبالًا وأسهل اقتناعًا ومن الممكن أن يحدث ذلك عن طريق التزكية من أحد زملائك في العمل، واتضح من أبحاث شالديني أن التزكية مُقنعة ومؤثرة جدًا في العملاء وتُؤدي إلى زيادة البيع، وأبحاث شالديني في هذا الموضوع كان في مجال الاستثمارات العقارية، فعند مثلًا استخدام جملة بسيطة تقول أن هناك شخص خبرة 15 سنة في هذا المجال فإن ذلك له تأثير قوي جدًا على العميل ويجعله يضع ثقة كبيرة في هذا الشخص المتخصص ذو الخبرة الكبيرة.
ويوجد العديد من العلماء إلى جانب شالديني تحدثوا في هذا الموضوع، منهم عالم اسمه دانيال كانمان والذي لديه كتاب اسمه Thinking fast and slow التفكير بسرعة وببطء عن العقل الواعي واللاواعي.
6 عوامل وضعها روبرت شالديني لإقناع العملاء وهي المعاملة بالمثل والندرة والارتياح والاجماع والاتساق والخبرة، والبائع الذكي هو من يستخدم هذه العوامل كلها لإقناع العميل وأهمها هي وجود شيء مشترك بينك وبين العميل وهذا الموضوع يحتاج لأن تكون قاريء ومُثقف ومُطلع على العديد من مجالات الحياة مثل الفن والأدب والموسيقى! حتمًا في النهاية ستجد شيء مشترك بينك وبين من تتعامل معه من العملاء.